تعتبر ظاهرة زواج الأقارب من العادات الاجتماعية المتبعة بصورة كبيرة في المجتمع العربي عامة والوسط البدوي في الجنوب خاصة. ولا تزال هذه الظاهرة تثير الجدل والتساؤلات بين مؤيد ومعارض.
ويرى المؤيدون بأن زواج الأقارب هو الأمثل إذ أنة يقوي ويدعم صلة القرابة ويعزز من الروابط الأسرية .بينما ينظر المعارضون إليها بنظرة سلبية لما تسببه من أمراض مستصعبة لا علاج لها ومن عاهات مستديمة التي تسبب المعاناة لجميع أفراد الأسرة .
كل اب وام يأملون بان يولد لهم أطفال أصحاء , ويجب الانتباه هنا بان كل المواليد لديهم احتمال الاصابة بعيوب أو مشاكل خلقية , ونقصد هنا بخلقية أي تشوهات ولدت مع الجنين وحدثت في مرحلة تكون وتطور الجنين وخاصة في المراحل الأولى من الحمل. وليس من الضروري أن يكتشفها الأطباء في الولادة إنما احتمال أن تكتشف في مرحلة متأخرة وجيل متقدم .
إن احتمال ولادة طفل مع عيوب خلقية لكل المواليد بشكل عام هو بنسبة %3 ( أي من بين كل 100 حالة ولادة 3 اطفال يولدون مع مشكلة وراثية ).
أما النسبة في زواج الأقارب فتصل إلى %6, أي أن نسبة حدوث العيوب الخلقية في زواج الأقارب هي الضعف.
أكثر الأمراض الوراثية شيوعا في زواج الأقارب هي الأمراض المنقولة عن طريق الوراثة المتنحية . ويعود السبب إلى انتقال صفات وراثية(جينات) غير سليمة مما يدعى (حامل للمرض) من احد الأجداد المشترك بين الأبوين وينتقل هذا الجين أو الصفه الوراثية غير السليمة من الجد إلى الأبناء وهذا ما يعرف بظاهرة ( الأب المؤسس) أي من الأب إلى الأبناء, ثم إلى الأحفاد . وإذا تزوج الأحفاد من بعضهم البعض فإذا أعطى كل واحد منهم النسخه أو الصفه الوراثية غير السليمة للمولود فان ذلك يؤدي إلى ولادة طفل معوق مع مرض وراثي وتصل النسبة في كل حمل إلى %25 .
كما نلاحظ فان الأمراض الوراثية ممكن أن تظهر في زواج الأقرباء وغير الأقرباء ولكن بنسب مختلفة . ويعتقد الكثير ممن تزوجوا من أقاربهم وليس في عائلاتهم مرض وراثي ، أن احتمال انجاب طفل مصاب بمرض وراثي هو احتمال ضئيل ولا مانع من زواج الاقارب في العائلة.
وطبعا لا يستطيع أحد منعهما من الزواج ولكن ننصح كل الأزواج الشابه بالتوجه للاستشارة وللاستفسار من الأطباء المختصين والتقدم للفحص الطبي والوراثي قبل الزواج أو قبل الحمل وذلك بهدف تقليل الحالات المرضيه في الأجيال المقبلة .
هنا يجب التوضيح بان كل منا يحمل بعض الصفات الوراثية غير السليمة أي ( حامل للمرض) وبالتالي يمكن إن ننقلها إلى أولادنا وذريتنا . ولذلك كله من المفضل التوجه للاستشارة الوراثية وإعطاء المعلومات اللازمة للطبيب , مثل معلومات عن العائلة ، الأخوة والاخوات ،العم والعمة ، الخال والخالة . في حالة وجود مشكله وراثية . وفي بعض الأحيان يحتاج الطبيب المختص لأخذ عينات دم للعائلة للكشف عن الجين غير السليم وهكذا نستطيع إن نقدم المساعدة للأجيال القادمة ودورنا هو بالتالي شرح الاحتمالات الموجودة والقرار الأخير طبعا هو للزوجين .
بعض النقاط المهمة التي يجب ذكرها للطبيب او الممرضة المختصة في حالة التوجه للاستشارة
حدد للطبيب اللأخوه والأخوات غير الأشقاء إن وجد .
اذكر أفراد العائلة الذين توفوا خاصة الذين توفوا في سن مبكر أو عند الولادة .
اذكر عدد حالات الإجهاض .
اذكر عدد إفراد العائلة المتزوجين من أقاربهم .
اذكر الأطفال الذين يعانون من مشاكل في الدراسة .
اذكر الأطفال الذين يعانون من أمراض خلقية منذ الولادة.
وهنا يجب التأكيد على ضرورة الفحص الطبي قبل الزواج لبناء اسر خالية من الأمراض . ونحن في خدمات الصحة الشاملة ننظر للموضوع من منظور صحي واجتماعي ونفسي وديني والهدف فحص المقبلين على الزواج , والكشف المبكر عن الإمراض وتقديم العلاج للمصابين والوقاية منها وحماية الأطفال من الاصابة إثناء الحمل والولادة .
إن زواج الأقارب يتسبب بنسبه اكبر من النسبة العادية في الاصابة بالأمراض الوراثية وكلما زادت القرابة بين الزوجين تفاقمت الاحتمالات بالاصابه بالإمراض الو رثية ، وهذه المشكلة منتشرة في مجتمعنا العربي عامة في المجتمع البدوي وخاصة . ونحن في خدمات الصحة الشاملة بمساعدة المعهد الوراثي في مستشفى سوروكا نبذل جهودا كبيره للتوعية لخطورة هذه المشكلة ونقوم بتقديم الاستشارة المجانية بهذا الموضوع وأيضا نقدم الفحص الطبي المناسب.
الاستشارة عبارة عن جلسة شخصية مع الزوجين يتم خلالها أرشاد الأزواج الشابة على المخاطر الصحية المحتملة لدى الأبناء، وشرح الاحتمالات الممكنة بالإضافة إلي عرض الفحوصات والاختبارات المناسبة.
نحن ننصح الأجيال الشابة بالابتعاد عن الخجل الاجتماعي والنظر للموضوع كمشكله صحية يجب معالجتها وهي كذلك.
وطبعا يبقى القرار الأول والأخير للزوجين ونحن نعمل على تقديم يد العون والمساعدة للزوجين ولكل الأجيال ونتمنى لهم دوام الصحة والسلامة