هناك آ راء كثيرة و مختلفة حول تعريف إبليس وهل هو من الجن ام من الملائكة ؟
ففي القرطبي :
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرقول الله تعالى : ( و إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا ابليس ابى واستكبر و كان من الكافرين )
في معنى قوله تعالى ( إلا ابليس) : وكان اسمه عزازيل وكان من اولي الاجنحه الاربعة ثم ابلس بعد .
وفيه ايضا :
روى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال:
كان ابليس من الملائكة فلما عصى الله غضب عليه فلعنه فصار شيطانا .
وفيه ايضا :
حكى الثعالبي عن ابن عباس : ان ابليس كان من حي من احياء الملائكة يقال لهم الجن خلقوا من نار السموم ، وخلقت الملائكة من نور وكان اسمه بالسريانية :
" عزازيل " و بالعربية " الحارث " فكان من خزان الجنة ، وكان رئيس ملائكة السماء الدنيا ، وكان له سلطانها وسلطان الارض ، وكان من اشد الملائكة اجتهادا و اكثرهم علما ، وكان يسوس ما بين السماء والارض ، فراى بذلك لنفسه شرفا وعظمه فذلك الذي دعاه إلى الكفر فعصى الله فمسخه شيطانا رجيما .
· وفي ابن كثير :
قال محمد بن اسحاق عن خلاد عن عطاء ، عن طاوس ، عن ابن عبــاس ، قال: كان ابليس قبل ان يرتكب المعصية من الملائكة اسمه " عزازيل " وكان من سكان الارض ، وكان من اشد الملائكة اجتهادا واكثرهم علما ، فذلك دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمونه حنا ( بالحاء لا بالجيم ) .
وفيه ايضا : وقال سنيد ، عن حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن عباس، كان ابليس من اشرف الملائكة و أكرمهم قبيلة ، و كان خازنا على الجنان ، و كان له سلطان سماء الدنيا و كان له سلطان الأرض .
وفيه أيضا قال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشــار حدثنا عدي ابن أبي عدي عن عوف ، عن الحسن ، قال ما كان ابليس من الملائكة طرفة عين قط ، وانه لاصل الجن ، كما ان آدم اصل الانس .
وهذا اسناد صحيح عن الحسن ، وهكذا قال عبدالرحمن بن زيد بن اسلم سواء.
وفيه ايضا : و قال شهر بن حوشب كان ابليس من الجن الذين طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب إلى السماء ، رواه ابن جرير.
وفيه ايضا : وقال سنيد بن داود : حدثنا هشيم أنبأنا عبدالرحمن بن يحيى ، عن موسى بن نمير ، وعثمان بن سعيد بن كامل ، عن سعد بن مسعود قال :
كانت الملائكة تقاتل الجن . فسبي ابليس وكان صغيرا ، فكان مع الملائكة فتعبد معها ، فلما أمروا بالسجود لآدم سجدوا ، فأبى إبليس فلذلك قال تعالى ( إلا ابليس كان من الجن ) .
وفي التحافات السنية ، قال محمد منير الدمشقي رحمه الله :
ابليس عدو الله وعدو رسله المؤمنين ، وكنيته ابو مرة ، ثم قال و اختلف العلماء في انه من الملائكة من طائفة يقال لهم الجن ام ليس من الملائكة ؟ وفي انه اسم عربي ام عجمي ثم يقول :
قال النووي في كتابه تهذيب الاسماء واللغات : والصحيح انه من الملائكة ، و كان اسمه " عزازيل " فلما عصا الله تعالى لعنه الله وجعله شيطانا مريدا ، وسماه الله ابليس ، بهذا قال ابن مسعود وابن المسيب ، وقتادة ، و ابن جريج ، واختاره الزجاج وابن الانباري ، وقالوا في قوله ( إلا ابليس ) : وهو مستثنى من جنس المستثنى منه ، ثم قالوا ، وقول الله تعالى ، ( كان من الجن ) .... أي طائفة من الملائكة يقال لهم الجن .
قال الحسن ، وعبدالرحمن بن زيد ، و شهر بن حوشب ، ما كان من الملائكة قط والاستثناء منقطع ، والمعنى عندهم ان الملائكة أمروا بالسجود فاطاعت الملائكة كلهم وعصى إبليس .
ثم يقول : والصحيح انه من الملائكة لانه لم ينقل ان غير الملائكة أمر بالسجود ، والاصل في الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه ، والله أعلم ...
وفي كتاب قصص الانبياء للشيخ عبدالوهاب النجار رحمه الله تعالى يقول فيه :
إن ابليس لو لم يكن مأمورا لقال لله تعالى : إنك لم تأمرني ، حين قال الله تعالى له : ( ما منعك الا تسجد إذ أمرتك ) ، ولكنه أظهر التكبر ولم يقف الامر ، ففهمنا أنه كان مأمور ، و أنه و إن كان من غير الملائكة و لكن الله تعالى كان قد أمر الشاهدين لنفخ الروح في آدم بالسجود و إبليس كان حاضرا ، و إنما عبر الله تعالى بالملائكة لأنهم كانوا الجمهور الاعظم في الحاضرين ، ووجود فرد من غيرهم لا يضر في صدور الامر على هذه الصورة ، فهو كان من الحاضرين المأمورين حقيقة إن كان غير ملك ن وليس لاحد ان يكون أقوم بحجة إبليس من إبليس نفسه.
وفي كتاب ( ظلال القرآن ) يقول مؤلفه رحمه الله في تفسير قول الله تعالى ( إلا ابليس ...) :
ويوحي السياق أن إبليس لم يكن من جنس الملائكة ، إنما كان معهم ، فلو كان منهم ما عصى ، وصفتهم الاولى انهم : ( لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) و الاستثناء هنا لا يدل على انه من جنسهم فكونه معهم يجيز هذا الاستثناء ، كما تقول :
جاء بنو فلان إلا احمد ، وليس منهم إنما هو عشيرهم ، و إبليس من الجن بنص القرآن ، والله خلق الجان من مارج من نار ن وهكذا يقطع بأنه ليس من الملائكة.
وانا شخصيا مع هذا الرأي القائل بأنه من الجن وليس من الملائكة لعدة وجوه منها:
* قول الله تعالى عن إبليس : ( كان من الجن ....).
* وقول إبليس عن نفسه لرب العزة سبحانه : ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) .
* و أن الملائكة كما تحدث الله تعالى عنهم : ( لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) : بالإضافة إلى انهم قد خلقو من النور ، والجن قد خلقوا من النار.
* وان إبليس له ذرية بعكس الملائكة .
** وهناك كما رأيت فرق كبير في حقيقة الملائكة والجن :
وعلى هذا فأنا أقول بالرأي القائل بأنه من الجن ، والله أعلم .
** وقد قرأت في كتاب مكاشفة القلوب للإمام الغزالي رحمه الله ما نصه :
" وروى " ان إبليس كان اسمه في السماء الدنيا : العابد ، وفي الثانية الزاهد ، وفي الثالثة العارف ، وفي الرابعة الولي ، وفي الخامسة التقي ، وفي السادسه الخازن ، وفي السابعة عزازيل ، وفي اللوح المحفوظ : إبليس وهو غافل عن عاقبة أمره ، فأمره الله أن يسجد لآدم فقال : أتفضله علي وانا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ، فقال تعالى انا افعل ما اشاء فرأى لنفسه شرفا ، فولى آدم ظهره أنفه .. وكبرا وانتصب قائما إلى ان سجدت الملائكة المدة المقدرة :
فلما رفعوا رؤسهم ورأوه لم يسجد وهم وقفوا للسجود سجدوا ثانيا شكرا، وهو قائم يرى معرضا عنهم غير عازم على الاتباع ولا نادم على الامتناع ، فمسخه الله من الصورة البهية ، فنكسه كالخنزير ، وجعل رأسه كرأس البعير وصدره كسنام الجمل الكبير ووجهه بينهما وجه القردة ، وعينيه مشقوقتين في طول وجهه ومنخريه مفتوحتين ككوز الحجام وشفتيه كشفتي الثور ، وانيابه خارجة كأنياب الخنزير ،
وفي لحيته سبع شعرات وطرده من الجنه بل من السماء بل من الارض إلى الجزائر فلا يدخل الارض إلا خفية ولعنه الله تعالى إلى يوم الدين لانه صار من الكافرين .