على وعده دائما معى وفى جنة يفوح عطر زهورها ويملأ أرجاءها
رحيق ورودها..
أهلّ على بنوره كالبدر فى تمامه..يتبختر كأنه ملك تكسوه حلة من الهيبة والوقار..
يقطر حبا وحنانا …وما أن وقعت عيناى عليه..حتى قفز فؤادى من بين جوانحى..
وزلزلتنى دقات قلبى وتهللت أساريرى..
اقترب منى رويدا رويدا..ومع كل خطوة كان يخطوها نحوى
أشعر وكأن كيانى يتلاشى..
استجمعت قواى الخائرة وقلت له فى حياء ودلال وعيناى لم
تجرؤا على النظر اليه:
ماأخلفت موعدا قط..
أمسك بيدى الصغيرة ووضعها بين كفيه ثم رفعها الى شفتيه وقبلها..
هناك تاهت منى نفسى ..وترنحت مشاعرى وانتشيت نشوة الثمل..
وسمعته يقول وكأن صوته يأتى من مكان بعيد:
لم أكن لأقوى على تحمل التأخر عن موعدك………
سألته أيحبنى كما أحبه؟ فأقسم أننى ظلمته بسؤالى ….ولما استوضحت ماقال..
أجاب بأن معنى الحب أقل بكثير مما يكنه لى ..وأنى أسكن كيانه
وأننى لا أغيب عنه طرفة عين..
وأن روحى سكن روحه ..فما الحب الا معنى ضئيل ينزوى فى
ركن بعيد من زوايا علاقتنا
اللامحدودة المعانى والمشاعر والأحاسيس..
نظرت فى عينيه وما أن نظرت اليهما حتى خفضت طرفى مهابة وحياء..
ثم لملمت أشلائى وبقايا جرأتى وغصت فى عينيه …ومكثنا طويلا طويلا
كل منا يغوص فى عين الآخر صامتين..ممسكا بيدى الصغيرة
كالقابض على جوهرة يخشى ضياعها..
وبدورى أمسكت بتلابيب نفسى وأصررت على ألا أفلتها منه..
طال همسنا وتناجينا كثيرا..كنت أشعر بصوته يسرى فى كيانى..
أسمعه أنغاما تتحرك لها جوانحى..
تمنيت ألايبتعد عنى وكان يجيبنى باستحالة ذلك..
أحسست بهمسه يتخلل كل حواسى ويردد أن روحه ستفارقه قبل التفكير فى تركى..
تعانقت أرواحنا وتشابكت أيدينا واختلطت أنفاسنا..
ففقدنا احساسنا بالزمان والمكان..
فكان اللازمان واللامكان..وتلاشى بعضنا فى بعض..
ماأجملها من نشوة..وماأعذبه من احساس..
حلقت أرواحنا فى سماء وجودنا…ارتفعنا وعلونا وسمونا
فلم تسبقنا الرياح ولم تلحق بنا الطيور..
وسبحنا فى أرجاء الكون الفسيح ..
وفى غمرة صمتنا واذا بيد رؤوم حنون تربت على ظهرى وتوقظنى..
انها أمى………… أحبك ياأمى..ولكن ليتك ماأيقظتنى..
أجبتها الى مطلبها ..لكن مكثت فى سريرى طويلا هيمانة
ثملة من سحر ماكنت فيه..
ليته دام وليت أمى ماأيقظتنى..