يا شمس لا ترحلى عن منتدى الدرجلى

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الدرجلى


    الغباوة من الشيطان

    بشار
    بشار
    Admin(درجلى ماسى)
    Admin(درجلى ماسى)


    عدد الرسائل : 1084
    العمر : 42
    الموقع : www.eldargaly.alafdal.net
    تاريخ التسجيل : 25/12/2008

    الغباوة من الشيطان Empty الغباوة من الشيطان

    مُساهمة من طرف بشار الأحد يناير 04, 2009 2:48 am

    الغباوة من الشيطان
    لن تجد مثالاً للجهل والإهمال أكثر من موضوع ذلك الخبر الذي نشرته جريدة "الأخبار" يوم 21/فبراير على صفحتها الأولى ... وقصة هذا الخبر أنه ومنذ أربع سنوات قامت الجالية المصرية في هولندا بإهداء أبناء سوهاج الفقراء ... تجهيزات للمستشفيات وأجهزة كمبيوتر كانت حديثة وقت الإهداء فضلاً عن أثاث ومواد طبية ... وهدايا كثيرة لا تقدر بمال ... ولحد هنا ومصر بخير ... والمصريين أهم ... وحتى لوني قمحي ... لكن المصيبة أن هذه الهدية قد تم احتجازها في الجمارك لأربع سنوات او يزيد ... رهناً لسداد جمركها ... وقام كبير الشلاضمه بوضع الأقفال اللازمة على دماغ سيادته وحلف ميت يمين ألا تخرج هذه الهدية إلا بعد سداد جماركها ... وغلبت الجالية المصرية في افهام سيادته أنها هدية لشعب مصر الفقير ... وأنها لزوم علاج "البائسين أهمه" والتي ترجمتها "المصريين أهمه" ... لكن أبداً ... رأسه وألف ضريبة مبيعات أن تسدد الجالية المصرية جمارك الهدية ... ويبدو أن المصريين في هولندا قد تأكدوا ان الغباء هو سيد الموقف ... وان المقدمة في مصر سوداء كما يقول الكابتن "ميمي الشربيني" ... فتركوا الجمل بما حمل ولأن الهدية كانت لمستشفى الغلابة في سوهاج فقد ظلت الهدية في مخازن كبير الشلاضمه ... حتى أفرج عنها وزير المالية الحالي ... بعد ان فسد منها ما فسد وسرق منها ما تيسر ... ونشرت جريدة الأخبار خبر الإفراج عن الهدية بعد أربع سنوات ولسان حال الجريدة يقول "أغبى من كده ما فيش" وكنا نغني في طفولتنا غنوة لها معنى فكنا نقول "النظافة من الإيمان ... والغباوة من الشيطان" إلا أننا لم نكن نتخيل أن يكون الشيطان غبياً إلى هذا الحد .
    [size=21]
    وقد ألف الأديب الراحل "يوسف السباعي" قصة أرض النفاق" وروى فيها قصة الموظف الأهطل الذي انفق مئات الجنيهات لكي يطالب أحد المقاولين بأربعة قروش وهي قيمة تركيب "شنكل للشباك" لم يكن المقاول قد قام بتركيبه ... ولم يكن ما ذكره "يوسف السباعي" هو نكته من وحي خياله بل كانت قصة حقيقية مر بها بنفسه في حكومة الخمسينيات ... إلا أنه وبتطور الحكومات تطور معها الجهل أيضاً والكسل والتواكل وكل الآفات الثورية التي أطلت علينا مع الحكم العسكري ....
    [size=21]
    وللإنصاف فإنه إذا كانت هدية الجالية المصرية الموجهة إلى أولاد الغلابة قد تعثرت فإن الهدايا التي ترسل إلى أولاد "الاييه" ... تمر بسرعة الصاروخ ... وهناك من الطرود ما يخرج من الطائرة إلى المنزل عن طريق الجو مباشرة ... وكما يقول أهل مصر ..."سكة أبو زيد ... كلها مسالك" أما أمي فقد علمتني مثلاً عامياً أكثر بلاغة فكانت تقول .."مين يوصلك يا صعلوك ... لسكة الملوك" .... وهذه الأمثال المصرية المتوارثة أخذت طريقها إلى التطبيق العملي منذ خمسين عاماً أو يزيد ... فلم يعد للصعاليك أي حق في أي شيء حتى حقهم في استلام الهدية التي وصلت إليهم مجاناً من هولندا ... فلم يحصلوا عليها ... بل تركها الكسل والإهمال على أرض المطار حتى نخر السوس في عظامها ...
    [size=21]
    ويبدو أن مسألة الطبقات الاجتماعية مسألة متأصلة في النظم المصرية على مر العصور ... فقد كان العصر الفرعوني هو رمز الطبقات وكان الفراعنة هم الطبقة الأعلى ويليهم أصحاب النفوذ والأمراء وطبقة الكهنة الذين كانوا يزينون الفرعنة للفراعين ... ثم يأتي في أسفل الطبقات طبقة الشعب الغلبان ... ذلك الشعب الذي بنى الأهرام ليستفيد منها طبقة الحكام فلم نسمع عن أحد الفلاحين الفقراء في عصر الفراعنة قد تم دفنه في هرم من أهرام الجيزة وإنما كان القدماء يدفنون الفقراء في "كوز بلاستيك" ولا يكتبون حتى أسماء الموتى هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإننا أيضاً لم نسمع أن واحداً من الطبقات العليا أو من طبقة الكهنة في العصر الفرعوني قد تم حبسه لأنه أغرق المصريين في العبارة التي يملكها ..."مم – دوح – رع" كما لم يتم سؤال الوزير "آمون – حس- ني" على حرق مسرح بني سويف بمن فيه من الغلابة والمساكين .... وعلى مر العصور كانت الطبقة المطحونة هي طبقة عشش الصفيح وبيوت الايواء وسيول الوجه القبلي وقد يختلف اسمها من وقت لآخر ...فتارة هم "الكادحون" وتارة هم "الرعايا" وتارة أخرى هم "محدودوا الدخل" المهم أنهم في جميع الأحوال ... هم الذين يبحثون عن الواسطة وهم الذين يدفعون الرشاوى والضرائب والاتاوة وكل أنواع المدفوعات وهم الذين يتحملون قيمة ارتفاع أسعار السكر ... وهم الذين يغرقون في العبارة ... ويحترقون في القطار وهم الذين يموتون من الجوع والمرض وفقر الدم ... حتى إذا ما فكر المصريون في هولندا أن يرسلوا لهم هدية ... تركتها الحكومة على أرض المطار حتى تذوب مع البرد أو يأكلها الحر ... أو يأخذها صاحب النصيب .
    [size=21]
    ويروى أن خمسة من الكسالى الأغبياء اجتمعوا على وليمة من اللحم الشهي إلا أنهم اختلفوا في شان من يغلق عليهم الباب حتى لا يشاركهم أحد في الطعام ... واستمر خلافهم حتى اتفقوا على أن ينهض لغلق الباب من يبدأ منهم في الحديث ... ثم بدأوا مرحلة طويلة من الصمت حتى دخلت عليهم الكلاب وأكلت الطعام حتى آخره ثم لعقت أيديهم بأسنانها فما ان تألم أحدهم صارخاً "آي" ... حتى هتف الأغبياء من شدة الفرح والسرور "انت اللي عليك قفل الباب" ...

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 02, 2024 11:36 am