أحمد تيناوي : صورة
المصدر : أحمد تيناوي
بالتأكيد أنت خارج الصورة، ولكن مَن يضمن أن تكوني خارج اللحظة التي التُقطت فيها الصورة.. مَن يضمن أن تبقى الحياة التي ثبَّتتها الصورة هي الحياة التي نعيشها، ومَن يضمن أن تكون الابتسامة التي تشعُّ داخل الصورة هي الابتسامة التي خبت خارجها؟.. ليس الخوف هو ما أبحث عنه كي أعود أو تعودين أو
نعود جميعاً لنبحث في صورنا العتيقة عن زمن هارب، زمن مشتهى.. لقد ألغت صورتنا كلَّ ما عداها من زمن، لأنها ببساطة أوقفت الزمن عن الجريان.. لكن زماننا مستمرٌّ في التخطِّي والعبور إلى صور وابتسامات وأحلام أخرى.. لماذا تخافين؟.. هل استطاعت صورة أن تلتقط الحلم الذي في داخلنا.. هل أوقفت زمنه.. هل خدَّر ضوءها أوعتمها قدرتنا على الدخول إلى صورة تشبه صورتنا الجديدة.. كم مرة قال لك أحد: لا أريد صورتك هذه، كم مرة أشار إليك أحدهم بأنك لستِ أنت التي في الصورة.. مَن كان فيها، مَن كان يشبه؟.. أنتِ لا تخافين مِن عتمة الصورة، بل تخافين من عتمة اللحظة التي حوتها الصورة.. لذلك تلجئين إلى النسيان.. أما الطفل، فلم يعرف ذاكرة بعد، ولم يؤسِّس لذاكرة هاربة بعد، بل خاف من عتمة الصورة، من كونه داخلها في اللحظة نفسها التي هو خارجها.. كذلك هو العاشق؛ تتساوى عند عتبة قلبه الذاكرة مع النسيان!! فلا يخرج، لأنه يعرف أنَّ قلبه هو مَن التقط الصورة.. وهي صورة وحيدة واحدة.. لاتقبل خوفاً أو نسياناً أو حزناً.. لأنها ملتقطة خارج العتمة وخارج الضوء أيضاً!!
لاتضعوا الحب داخل صورة لأن الحب .. روح .. هل تستطيع العدسة التقاط صورة للروح؟ .. لا، لذلك فإن الصورة بلا حياة!!